بيعة الخزي والعار

جاءت الأخبار بأن عددا من الأحزاب الموريتانية قد بايعت معمر بومنيار القذافي .. لكنهم لم يقولوا على ماذا تمت هذه “البيعة” .. الخبر يدعو إلى أكثر من التعجب لأن هذه الأحزاب تدعي أنها تنتمي إلى التقدمية والقومية والإسلام السياسي .. بمعنى أنها من التيارات التي كثيرا ما نراها تؤسس مواقفها ومعارضاتها حول غياب الديمقراطية والشورى وصناديق الاقتراع، وتؤسس مواقفها على رفض الحكم الدكتاتوري الذي غالبا ما يأتي عبر انقلابات عسكرية.

لن يتوقف عجبنا عند هذه النقطة؛ ذلك لأن هذه الأحزاب بالذات هي التي لم يعجبها العجب .. ولم تصبر على حكم أفرزته صناديق الاقتراع، وعملت على تقويضه، وعاونت على عودة العسكر مجددا من خلال انقلاب عسكري آخر…هؤلاء الذين لم يصبروا على حكم أفرزته صناديق الاقتراع  أحنوا ظهورهم ليمتطيها دكتاتور هو في الحكم منذ أربعين سنة .. جسّد خلالها النزق والفساد والطغيان…

لم يقولوا لنا لماذا يتجاوزون الحدود ليمدوا أيديهم بالبيعة إلى حاكم دكتاتور قاتل مجرم مفسد متسلط؟ .. ماذا وجدوا عنده مما لم يجدوه في بلادهم؟ .. وما هي المبررات والحيثيات التي تدعوهم إلى تجاهل ماض وحاضر قذرين لهذا الحاكم؟

ولماذا لم يراعوا الشعب الليبي “الشقيق”، ولم يحسبوا أي حساب لأحاسيسه ومشاعره وهو الذي ذاق الأمرين من هذا الحاكم الهمجي؟

قالوا بأنهم يبايعون معمر القذافي .. وعندما واجهوا مواطنيهم اعتذروا بما هو أقبح من ذنب هذه “البيعة” الفضيحة .. اعتذروا فقالوا..  بأنهم قد اتخذوا منه مرجعية ليس إلا .. فبئس ما قالوا.. وبئس الاعتذار.

هم يدعون بأنهم يمثلون أحزابا تقدمية وقومية .. فبئس التقدمية وبئس القومية التي تتمسح بأعتاب الطغاة وتلعق أحذيتهم القذرة وتقبل أيديهم الملطخة بدماء الأبرياء. هذه الأحزاب التي اتخذت من ديكتاتور سفاح أحمق “مرجعية” لها حكمت على نفسها بالتردي إلى مزبلة ليس من سبيل إلى الخروج منها.

من حقنا نحن أهل ليبيا أن نسألكم عن مبرراتكم وحيثياتكم لهذا القرار؟ .. لماذا تبايعون القذافي؟ .. وعلى ماذا بايعتموه؟ .. وما هي “أفكاره” التي ارتضيتموها مرجعية لكم؟ ..

من حقنا نحن أهل ليبيا أن نسألكم .. ما الذي عرفتموه عن القذافي من خيرية تستوجب المبايعة، لم نعرفها له نحن؟ ..

ما الذي أعجبكم من سيرة القذافي: هل أعجبكم طول بقائه في الحكم متسلطا على رقاب العباد؟ هل أعجبكم الطغيان والقهر والقمع الذي أخضع له الشعب الليبي؟ هل اعجبتكم مسيرة الدمار والخراب التي أخضع لها بلادنا طيلة أربعين سنة؟ هل أعجبتكم سياسة إفقار الشعب الليبي التي نفذها بكل اقتدار ونجاح فحول شعب ليبيا الغنية بإمكاناتها إلى فقراء يعانون من الفقر والحرمان وهم يرون أموال نفطهم تبعثر على الأطماع والأهواء، وتقدم لقما سائغة إلى أولئك الذين يتمسحون بالقذافي ويمارسون الدجل والنفاق ليرسموا للقذافي أوهام الزعامة إما بالتصفيق أو بالنعيق أو مثلما فعلتم بتقديم مبايعة صفيقة غير مسبوقة؟ .. ألم تسمعوا بالمشانق التي أقامها في شوارعنا وملاعبنا ومدارسنا وجامعاتنا؟ ألم تسمعوا يا أهل شنقيط بالإعدامات التي أمر بها القذافي في شهر رمضان المبارك؟ ألم تسمعوا بمجزرة سجن بوسليم التي قتل فيها أكثر من ألف ومائتي سجين خلال ساعات معدودة؟ ألم تسمعوا بحقن أكثر من أربعمائة طفل بريء بجراثيم مرض نقص المناعة؟ ألم تسمعوا بالعصابات التي أرسلها القذافي لتقتل المواطنين الليبيين في مختلف مدن العالم؟ ألم تسمعوا بكل ذلك مما فعله بنا القذافي وهو قليل من كثير؟ .. ألم تسمعوا بكل ذلك يا دعاة القومية والتقدمية وأدعياء الإسلام السياسي؟

لا أحد يصدق أنكم لم تسمعوا بما فعله ويفعله مرجعيتكم بشعب ليبيا وبإمكاناتها وقدراتها؟ .. وكيف نصدق أنكم تجهلون ما يعرفه العالم كله؟ ليس لنا إلا أن نصدق شيئا واحدا: أنكم في سبيل ما سال له لعابكم قد ضربتم بعرض الحائط ما تدعونه من تقدمية تدعو إلى رفض الديكتاتورية والطغيان، ومن قومية تدعو إلى التضامن مع الأشقاء في الوطن الكبير، ومن إسلام يدعوكم إلى رفض الظلم والتضامن مع إخوانكم في الإسلام!!

ولا أحد يمكن أن يصدق أنكم تجهلون ممارسات هذا الحاكم الهمجي بحق الأشقاء والجيران؟ فهي قد باتت مما يعرفه القاصي والداني .. من هي الدولة الجارة التي لم تتأذى من ممارسات مرجعيتكم الهمجي؟ وما هي القضية التي لم يمرغها القذافي في أوحال المزايدات والمناكفات؟ هل نذكركم بالصحراء الغربية، ام قفصة التونسية، أم  بغيرها؟ بل هل تراكم نسيتم ما فعله في بلادكم المرة تلو الأخرى .. من تدخلات سافرة .. ومؤامرات نكراء؟ إنكم إذن معدومو الذاكرة!!

هل أنتم حقيقة في حاجة إلى التذكير الذي ينفع المؤمنين؟ هل أنتم في حاجة إلى من يذكركم .. أم أن الذكرى لم تعد تنفعكم؟

أم أنكم تضربون الصفح عن جرائمه بحق ليبيا والليبيين .. وأنتم تعلمون أنكم لا تملكون هذا الصفح .. وتسامحونه على جرائمه بحق الدول الجارة الشقيقة .. وأنتم تعرفون أنكم لا تملكون هذا الحق .. وتديرون ظهوركم لإخوانكم الليبيين .. وتنسلخون مما تدعونه من إسلام وقومية وتقدمية ..

إذا كنتم تقومون بكل ذلك لأنكم من المنبهرين بشخص معمر القذافي تتخذون منه مرجعية فكرية. فبالله عليكم قولوا لنا ما هي الأفكار التي انبهرتم بها؟ .. ما هي “الرؤى” التي أعجبتكم في “فكر” القذافي؟ .. القذافي أيها المبايعون ضمّن فكره في الكتاب الذي يسميه بالأخضر، ويعرفه الليبيون باسم الكتاب الأغبر لما جر تطبيقاته من كوارث ونكبات .. ولما قاد إلى مآسي ستظل آثارها المدمرة مؤثرة في مصير أجيال ستلحق. الكتاب الأغبر أيها المبايعون تم فرضه على الشعب الليبي بالقمع والقهر وبالسلاح .. بالسجون والتعذيب والإعدامات في الشوارع والمدارس والجامعات .. بزوار الليل .. بالعصابات توفد لتتعقب وتغتال..  لكنكم أنت أيها المبايعون تُقبلون على الكتاب الأغبر وتتخذونه مرجعية لكم بملء إرادتكم وباختياركم الحر؛ لم يجبركم عليه أحد، بل قطعتم الفيافي والقفار لتقبلوا اليد التي “أبدعت” هذا الفكر الأغبر .. ولتبايعوا هذه اليد الملطخة بدمائنا ..  وتعلنون بكل دناءة أنكم تتخذون من هذا الكتاب الأغبر مرجعية .. والحالة هذه فأنتم مطالبون أن تفيدونا ما الذي أعجبكم من هذا “الفكر” .. هل أعجبتكم المقولات السقيمة العقيمة؟ وهل أعجبتكم “النظريات” التافهة المبثوثة في فصوله الرثة القميئة؟ .. أم أنكم ياتراكم انبهرتم بذلك الاكتشاف المذهل بأن “المرأة تحيض والرجل لا يحيض”؟ .. أم يا ترى أعجبكم تفاهة الصياغة وركاكة العبارات؛ فأنتم إذن لستم من أهل شنقيط أساطين اللغة والشعر والبلاغة!! .. أجل ..أي “فكر” أعجبكم عند القذافي؟ .. هل هو التسلط والقمع والقهر ليبقى حاكما مطلقا طيلة أربعين سنة والحبل على الجرار؟ .. هل رفضه واستخفافه بحق الشعوب في اختيار من يحكمها عبر صناديق الاقتراع؟  .. وهل هو توريث أبنائه وتحويل ليبيا إلى إقطاعية يعيثون فيها فسادا؟ .. أم هل هو الدجل على الشعوب والمزايدات التي لم تبق ولم تذر والتي عرفها واشمأز منها كل ذي بصيرة؟ … أجل أي “فكر” أعجبكم .. وأنتم من لا يعجبكم العجب؟ .. أنتم الذين لم تتحملوا حكما عسكريا لبضع سنين .. تباركون حاكما جاء إلى الحكم من خلال انقلاب عسكري، وهو يستمر في الحكم منذ أربعين سنه .. وترضون به مرجعية لكم !!

دعونا من اللف والدوران على الحقيقة ..  دعونا من العبارات المنمقة التي دافعتم بها عن موقفكم من قبيل وصف القذافي بأنه يقف ” رافضا لمشاريع الهيمنة” وأنه “تبنى حركات المقاومة وشهداءها في فلسطين والعراق”، ووصفه بأنه “كرس حياته لنشر الدعوة الإسلامية في العالم” دعونا من هذه الأكاذيب؛ وهلم بنا نناقشها واحدة تلو الأخرى.

أما أن القذافي يقف “رافضا لمشاريع الهيمنة”، فلو قلتمم هذا أيام العنتريات والمزايدات الفارغة والخطب الرنانة فربما وجدتم من يصدقكم ممن تغيب عنهم البصيرة، أما أن ترددوا هذا اليوم بعد أن مارس صاحبكم ومرجعيتكم رذيلة الانبطاح مرة تلو الأخرى حين قدم صاغرا طائعا كل برنامجه “النووي” مفشيا في الوقت ذاته أسرار كل من تعاون معه من أقصى المعمورة إلى أقصاها، أليس هذا ترسيخا للهيمنة ومشاريعها وإضرارا بإمكانيات التعاون بين دول العالم الثالث حين تقدم أسرار هذا التعاون على أطباق يحملها ظهر الزعيم المنبطح. وماذا تسمون قيام زعيمكم المنبطح بدفع مليارات الدولارات تعويضات عن جرائم ارتكبت ضد دول غربية في الوقت الذي يصر على إدعائه بأن نظامه المهترئ لم يرتكب هذه الجرائم .. ماذا تسمون ذلك؟ وهل يقع هذا ضمن قولكم برفض صاحبكم لمشاريع الهيمنة؟.

 أما حجتكم بأن القذافي “تبنى حركات المقاومة وشهداءها في فلسطين والعراق”. إذا كنتم لا تعرفون حقيقة القذافي في هذا المجال فتلك مصيبة، وإن كنتم تعلمون الحقيقة وتدعون غيرها فالمصيبة أعظم.  حركات المقاومة في فلسطين مثخنة بالجراح من مواقف مرجعيتكم ومن ممارساته التخريبية الساعية دوما لتقسيم صفوفها. فهل الذكرى تنفعكم .. فنذكركم بنصيحة القذافي الخسيسة إلى رجال المقاومة المحاصرين في بيروت سنة 1982 بأن “ينتحروا”، هل هذا هو تبني المقاومة في نظركم؟. وهل نذكركم بمعارك مخيمات “البداوي” و”النهر البارد” حيث كانت قوات مرجعيتكم تقصف مدفعيتها إخواننا الفلسطينيين بدون هوادة. هل نذكركم كيف اصطادت المخابرات الإسرائيلية المناضل الفلسطيني “فتحي الشقاقي” في مالطه بعد مغادرته ليبيا بسويعات، ونسألكم من دلهم عليه؟، في حين كان يتنقل باسم مستعار لا تعرفه إلا المخابرات الليبية التي أعطته الجواز. وهل نذكركم إن كانت الذكرى تنفعكم بأن “أبو جهاد” قد قُتل في تونس مباشرة بعد عودته بسويعات من زيارة للقذافي، وهل لم ترق قلوبكم لمنظر الأسر الفلسطينية التي ألقى بها “متبني حركات المقاومة” خارج الحدود الليبية عام 1995، فباتت تعيش في العراء لسنين طويلة؟ .. دعوكم من معاذيركم فهي لا تجديكم نفعا أمام ما قالته منظمة التحرير الفلسطينية –الناطق الرسمي والوحيد باسم الشعب الفلسطيني- حين هالتها ممارسات القذافي التخريبية في المجال الفلسطيني، ما اضطر تلك القيادة إلى إصدار كتاب جعلت عنوانه  تساؤلا في عن ممارسات وسياسات القذافي تجاه القضية الفلسطينية، “هل هي غرابة أطوار .. أم حلقة في مخطط” .. الكتاب موجود فاقرأوه قبل أن تظنوا أن الناس قد فقدوا ذاكرتهم… ولعل الزمن قد كشف أن تلك السياسات والممارسات لم تكن غرابة أطوار ..

أما العراق .. وحرص صاحبكم عليها .. فاسألوا أهل العراق .. اسألوهم عن تلك الصواريخ التي كانت تدك بغداد .. وغيرها من مدن العراق خلال الحرب مع إيران .. اسألوا أهل العراق .. فسيخبرونكم بأن تلك الصواريخ التي كانت تدك بغداد لم تكن صواريخ إسرائيلية .. وإنما كانت صواريخ بعث بها مرجعيتكم كاملة بمنصات الإطلاق وبأطقم التشغيل إلى إيران كي تستخدمها ضد أهل العراق .. هل أنتم جاهلون بهذه الحقيقة أم تتجاهلونها .. أم ربما تراكم تعدون ذلك من قبيل دعم صمود العراق!!

أما فرية قولكم بأن القذافي “كرس حياته لنشر الدعوة الإسلامية في العالم”، فهذا القول قد لا نلوم عليه الأحزاب التي تدعي القومية فبعضها، يستخدم الإسلام كما يستخدمه القذافي، وحتما لا نلوم ذلك الحزب المرتبط باللجان الثورية، فهؤلاء بلغت بهم “صحة الوجه” ان ينخرطوا في اللجان الغوغائية الثورية التي أسسها القذافي لتمارس الإجرام والقهر بحق الليبيين .. أي أنهم شركاء للجان السوء المجرمة .. نحن لا نلوم هؤلاء، ولكن كنا نتوقع من ذلك الحزب الذي يدعي بأنه حزب إسلامي أن لا ينزلق إلى مهاوي هذه الفرية، فعلاقة القذافي بالإسلام معروفة بمساعيه المتكررة والمستمرة لتشويه الإسلام والتطاول على المقدسات ومحاولات تحريف القرآن وإنكار السنة وقمع العلماء والتطاول على أقدس المقدسات، بما في ذلك الكعبة المشرفة التي وصفها بأنها “وثن” مرة .. و”صنم” مرة أخرى، وعاب على من يطوف بها. هل نذكركم بالعلماء من ليبيا الذين عانوا وقاسوا الويلات في سجون القذافي .. من تعذيب وقهر وقمع وقتل .. والآلاف من الليبيين الذين زج بهم في غياهب السجون لأنهم لم يرضوا الدنية في دينهم ودافعوا عن السنة وعن المقدسات؟ .. هل نذكركم؟ .. وهل تنفعكم الذكرى؟  فكيف بهذا الذي يقمع المسلمين الليبيين يتحول –بزعمكم- إلى مكرس لحياته لنشر نفس العقيدة التي يسوم أتباعها الويلات، ويحاول أن يعبث بها وبمقدساتها من قرآن وسنة ومناسك؟ .. بل ارجعوا إلى أقوال القذافي الذي ارتضيتموه مرجعية لكم فسوف تجدون التطاول السفيه حتى على الذات الإلهية، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى كبار الصحابة الأجلاء من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان .. فماذا أبقى لكم هذا المرجعية من دينكم الذي تزعمون أنه قد كرس حياته لنشره؟ .. لقد قلتم وبئس ما قلتم، وشهدتم شهادة زور.. واعتذرتم عذرا أقبح من الذنب .. وسوغتم لأنفسكم أن تخوضوا مع الخائضين .. لكننا نسألكم .. كيف ستعتذرون من ربكم عن شهادة زور وباطل تدلون بها اليوم من أجل متاع .. ومن أجل دراهم معددوة؟ .

أما عن قضايا الإسلام، فنحدثكم ونذّكركم إن نفعت الذكرى .. هل تذكرون شعب البوسنة المسلم وهو يواجه التصفية العرقية على أيدي الصرب؟ .. يومها ضج العالم كله من جرائم الصرب، فمن مقاطع ومن محارب للصرب، لكن القذافي .. وحده القذافي الذي استمر في تزويد الصرب بالبترول الليبي وبعقد صفقات سرية لتزويدهم بالسلاح .. بترول ليبيا .. وسلاح من أموال ليبيا وبعقود ليبية تقدم إلى الصرب لقتل إخواننا المسلمين في البوسنة!!. هل تحتاجون إلى من يذكركم بخذلان القذافي لمسلمي الفلبين بعد أن تظاهر بنصرتهم .. ثم قدم معلومات كاملة عنهم؟ .. أم نذكركم بتحالف القذافي مع “مانجستو هيلا مريم” ضد الصومال وضد السودان، وما فعله هذا التحالف القذر بالبلدين الشقيقين؟ أم هل نذكركم بدور القذافي القذر في السودان ومساندته للعقيد “غارانغ” بالسلاح والمال حتى أصبح انفصال الجنوب ممكنا .. بل حتميا؟ .. أم نذكركم بدوره القذر في دار فور وتأجيجه للنزاعات  فيها؟ .. إن لم تكونوا تعرفون أو أن ذاكرتكم قصيرة فاسألوا عن مشروع “ساق النعام” الذي استخدمه القذافي –على مدى سنوات طويلة- لتهريب السلاح إلى داخل الإقليم السوداني، حتى أصبح السلاح في كل يد. ..  ثم بالله عليكم كيف تفسرون دعوات القذافي بتقسيم السودان؟، وكيف يمكنكم تفسير تدخلات القذافي السافرة في شؤون نيجيريا ودعوته لتقسيمها؟، هل هذا نشرا للإسلام، أم تشجيعا على فتنة يكون المسلمون في نيجيريا هم ضحيتها؟ وأخيرا –وليس آخرا- هل تعتبرون ما قام به القذافي في تشاد من حروب طاحنة وعشرات الألوف من الضحايا من الشعبين الشقيقين اللذين كان لهما تاريخ مشرف في التعاون على قتال الاستعمارين الفرنسي والإيطالي .. هل تعتبرون حروب القذافي ومليارات الدولارات التي أنفقها على هذه الحروب ضد الأشقاء، وعلى تأجيج نيران الفتن في هذا البلد الجار ..  هل هذا في نظركم ما تسمونه نشرا الإسلام؟ ..

   لا لن يصدق أبناء موريتانيا معاذيركم الخائبة، ولن يأبهوا بما تسوقونه من مبررات لهذه المبايعة الفاسدة شكلا ومضمونا. أما نحن في ليبيا فلن نصدقكم .. لا نصدق أنكم تجهلون ما فعل بنا القذافي .. ولا نصدق أنكم تجهلون جرائمه بحق الجيران والأصدقاء .. ونحن نعرف أن القذافي لا يستطيع أن يبهر أحدا بما جاء في كتابه الأغبر السقيم التافه .. نحن لا نصدق كل تبريراتكم ومعاذيركم، لكننا سوف نصدقكم إن قلتم الحقيقة: أن الطمع قد أوردكم هذا المورد، وأنكم ذهبتم لتستقووا بالقذافي على شركائكم في الوطن الموريتاني، بالمال وبالمؤامرات، وأن وعود المال هي التي دفعتكم إلى هذه التهلكة التي إن لم تتبدى لكم كذلك الآن، فسترون نتائجها الوخيمة قريبا… سترون كيف يستخدمكم مرجعيتكم الأعظم لتحقيق مآربه وأغراضه في موريتانيا من نفوذ وسيطرة، ولتحقيق أغراضه الدنيئة بالاستقواء بكم على شعب ليبيا الذي لا شك تتزايد إحباطاته وهو يرى أمثالكم يلعقون حذاء القذافي ويقبلون أياديه الملطخة بدماء الليبيين لقاء ثمن مدفوع من أموال يحرمة منها أصحابها، وسترون كيف يرمي بكم مرجعيتكم الأعظم بعد أن يقضي منكم وطره.

لقد كنتم تحظون في بلادنا ليبيا باحترام على أنكم أهل علم ونخوة .. منكم الأدباء والشعراء والفقهاء .. تأبون الدنية في الدين والعرض .. عرفناكم من بلاد “شنقيط” حيث الصحراء التي لا تعرف الخسة والنذالة .. ولا تعرف التذلل والنصب والطمع  .. لكنكم أبيتم إلا أن تخذلوننا وتبدو سوءات لم نكن نعرفها عنكم ..

وأخيرا فليس لنا إلا ان نقول لكم: بئس ما قامت به تلكم الشراذم من “موريتانيا” الذين تكالبوا على السلطة والحكم والمال .. فساقهم الطمع إلى أن يبيعوا أنفسهم عبيدا لدكتاتور مجرم قاتل مفسد مخرب .. ولا يهمنا بكم كانت هذه البيعة .. فهي بيعة قذرة تحمل في طياتها العار والهوان والخسة والنذالة.

فبئس المُبايَع…. وبئس المبايعون…. وبئست المبايعة …. وبئس الثمن.

اكتب تعليقا عن المقالة

مطلوب.

مطلوب. لن يتم نشره.

إذا كان لديك موقع.