وجاء دور إيرلندا

تناقلت الأنباء خبرا عن قرب التوصل إلى اتفاق بين الحكومة البريطانية وأجهزة حكم القذافي يقضي بقيام ليبيا بدفع تعويضات إلى ضحايا الحرب الأهلية الإيرلندية، وذلك بسبب الدور الذي لعبته أجهزة القذافي في دعم أطراف تلك الحرب بالمال والسلاح.  ولم تذكر الأنباء أية تفاصيل بالخصوص سوى أن المفاوضات مستمرة منذ فترة حول هذا الموضوع، وأن أجهزة القذافي قدمت إلى الحكومة البريطانية ما لديها من ملفات تتعلق بإمدادات السلاح التي قامت بتأمينها لأطراف الحرب الأهلية، كما أوضحت تلك الأنباء أن ليبيا قد وافقت من حيث المبدأ على دفع تعويضات. وقد جاء تصريح المدعو محمد سيالة مدير إدارة التعاون الخارجي ليؤكد هذه الأنباء وعن قرب التوصل إلى اتفاق حول قيمة التعويضات.

تأتي هذه التسريبات لتؤكد الثمن الباهض الذي تدفعه ليبيا لسداد المستحقات عن الجرائم التي ارتكبها معمر القذافي وحكمه الهمجي، وعن ممارسات العبث والاستهتار التي قادت إلى وضع ليبيا في دائرة الاتهام. وفي نفس الوقت تؤكد  هذه التسؤيبات الثمن الذي تستمر ليبيا في دفعه ما استمر القذافي في السلطة. هذا الثمن لا يتوقف عند المليارات التي انسابت من الخزانة الليبية لدفع التعويضات ولتسديد نفقات المحامين والإجراءات القانونية وللصرف على النصابين الدوليين الذين تعامل معهم القذافي منذ أن لاحقته الاتهامات والمطالبات الدولية .. لا يتوقف الثمن عند هذه المليارات على فداحتها؛ بل يتجاوزها ليشمل ارتهان مستقبل ليبيا بهذه الجرائم، وانتقاصا خطيرا في وضعها الدولي يجعلها خاضعة لطلبات التعويضات من كل مكان، بل إن ما دفع من تعويضات عن طائرة البان آم و اليوتي أي وغيرها لم يؤدي إلى قفل الملفات، لكن المطالبات والملاحقات القانونية مازالت مستمرة.

وبدون شك فإن المثال الإيرلندي يوغل في السخرية من آلام الليبيين المحرومين من ثروات بلادهم وهم يرون أن هذه الثروات بددت للصرف على حرب إيرلندية وهي تبدد اليوم مجددا للتعويض عن تلك الحرب. والمثال الإيرلندي لا يقف وحيدا فقد سبقته أمثلة وستلحقه أمثلة أخرى تضيع فيها ثروة ليبيا وإمكاناتها على يد القذافي وفداء له ولحكمه.

إنها معادلة لئيمة غاية في اللؤم .. أن يترك المجرم القذافي ويعاقب ويدان المقرحي .. وأن تدفع الخزانة الليبية المليارات فدية للسفاح المجرم الذي قهر الشعب الليبي … وأن تكون هذه المليارات وغيرها وسيلة يستمر بها القذافي جاثما على ليبيا ومقدراتها.

اكتب تعليقا عن المقالة

مطلوب.

مطلوب. لن يتم نشره.

إذا كان لديك موقع.