إبراهيم عبد العزيز صهد..
تخرج من الكلية العسكرية الليبية عام 1963، وكان ترتيبه الأول على دفعته (الدفعة الخامسة).
عمل ضابطا بالجيش الليبي خلال الأعوام 1963 – 1969 : مدرسا في مدرسة المخابرة، ورئيسا لجناح [...]
img>على أعتاب السنة الثالثة من عمر الثورة .. ونحن نودع عامين مضتا .. ونحتفل بالذكرى السنوية الثانية لانطلاقة الثورة المباركة .. نعاين مشهدا سياسيا يفرز إرهاصات متضاربة .. بعضها تطرح أجواء من الاحتفال والتذكر والاستعداد لمعاودة الانطلاق بروح جديدة تعالج الأخطاء وتضع منهجية لتجديد روح الثورة ولتصحيح المسار .. وبعض هذه الإرهاصات ترى مزج أفراح الثورة بممارسة حرية رفع المطالب والتحشد حولها لإحداث الضغوط السلمية المشروعة من أجل تحقيقها. يصاحب هذا كله تحركات مشبوهة لعناصر الحكم المنهار الموجوين خارج وداخل البلاد تثير القلق كونها تتهدد الثورة وتحاول زرع الفتنة، وكونها تسعى لإفساد أعراس الشعب الليبي بأعياد ثورته ولتخريب وحدتهم بغية إشعال ثورة مضادة يعود من خلالها ذيول الحكم المنهار للتحكم مجددا في مقدرات شعبنا. هؤلاء كانوا يريدون تحويل الأعراس إلى مآتم، ويريدون تحويل الديمقراطية والحرية إلى فوضى، ويريدون ضرب مؤسسات الدولة المشروعة وإحداث فراغ لا يمكن أن يملؤه إلا الفوضى العارمة التي تطيح بآمال أبناء ليبيا وتدخل البلاد في نفق مظلم. هؤلاء خسروا معركة المواجهة أمام الشعب الليبي ولم تنفععهم فيها صواريخهم وقذائفهم التي وجههوها إلى صدور الليبيين، لكنهم لم يتوقفوا يوما -منذ أن دحرتهم إرادة شعبنا الليبي- في محاولات مستمرة لاسترداد سيطرتهم على البلاد مستخدمين أسلحة خفية دنيئة أشد خطرا وأدعى أن نواجهها جميعا متكاتفين بإعمال كل الوعي والتجارب السابقة والإرادة الصلبة. إن التكاتف الذي تتطلبه المرحلة هو تكاتف كل أبناء وبنات الشعب الليبي .. كل المدن .. كل القبائل .. كل الأحزاب والكيانات السياسية .. كل مؤسسات المجتمع المدني .. إنه تكاتف كل الشعب مع السلطات الانتقالية الحاكمة وعلى الأخص المؤتمر الوطني العام الذي يقوم بأداء واجباته تحت ظروف بالغة التعقيد والخطورة. وينبغي أن يكون هدف هذا التكاتف استعادة الثقة المفقودة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا عما عداها من المصالح الآنية أو الأنانية.
لا مناص من أن نتساءل: لماذا نبلغ الذكرى الثانية لثورتنا ونحن في هذه الحالة من الاحتقان والقلق، بل والخوف؟ لماذا نمسك قلوبنا خوفا على وحدتنا الوطنية؟ ولماذا تعود وجوه الشر من جديد تتهددنا؟ وهل حصوننا مهددة من الخارج فقط أم أنها مهددة من الداخل؟
لا مناص أيضا من تحديد المسؤوليات، وتحديد الأخطاء، بغية معرفة المسببات، وم ثم تصحيح المسارات.
وبدون مقدمات، فلا أحد يمكنه أن ينكر أن هناك قصورا شاب عمل المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية والمؤقتة، وبنفس المعيار لا يستطيع أحد أن يتجاهل حجم التركة المترتبة عن سنوات حكم الطاغية وما خلفه من رماد ودمار، كما لا يمكن تجاهل ما ترتب عن الثورة وحرب التحرير من استحقاقات بات على المؤتمر الوطني أن يواجهها. ولا ننسى أيضا القصور -ولا أقول التقصير- الذي شاب عمل المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي والحكومة الانتقالية. هذا القصور انتقلت آثاره وتبعاته إلى المؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة.
قد نعود إلى بداية عمل المؤتمر الوطني ونحسب الأيام التي قضاها في إدارة مهامة، وسنجد أن كثيرا من هذه الأيام قد ضاع نتيجة للعديد من الاعتصامات والاقتحامات التي تعرض لها المؤتمر، ونجد أيضا أن الأوضاع الأمنية التي تتفجر من حين لآخر في مختلف المناطق قد أجبرت المؤتمر أن يوجه جهوده ووقته لإيجاد الحلول لها. سنجد أيضا أن الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالرحيم الكيب كانت في حالة من الجمود ما جعل كثيرا من الأمور تعود إلى المؤتمر، وما جعل الإحباط والاحتقان يتعاظمان.
مع هذا كله نجد أن المؤتمر الوطني بات يُحمّل المسؤولية عن سنتين مضتا من عمر الثورة، ويُحاسب على هذه المدة، في تجاهل كامل إلى أن تأسيس المؤتمر الوطني العام لم يمر عليه سوى أشهر ست، وأن من غير المنطق ولا العدل أن يُحمّل المؤتمر مسؤولية سنة ونصف.
عندما تولى المؤتمر كان عليه أن يبدأ من الصفر في إنشاء لوائحه الداخلية وهيكلته، في وسط أوضاع أمنية متفجرة وبالغة الخطورة، وهذا سلخ وقتا لا بأس به.
كانت آمالنا وتطلعاتنا كبيرة كبر تضحياتنا من أجل استعادة مصيرنا وإرادتنا. وكان مخزون الصبر لدينا جميعا قد تآكل بفعل أربعين سنة عجافا، وبفعل عامين من عمر الثورة لم تكونا أعوام حصاد بقدر ما كانتا أعوام تضحيات لإنجاح الثورة، ثم للانتقال إلى مرحلة بناء الدولة. وفي خضم استعجال تحقق هذه التطلعات كان المؤتمر يواجه حسابا على أعمال من سبقه في السلطة (المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي والحكومة الانتقالية)، وعلى سنة ونصف سبقتا تأسيس المؤتمر. وهكذا ضاعت الموضوعية في تحديد المسؤوليات وترتيب المحاسبات على ضوء ذلك.
وإذا كنا في مضمار تحديد المسؤولية، فلا بد أن نشير إلى الدور الخطير والمتجني الذي باتت بعض أجهزة الإعلام المحلية والدولية في قلبها للحقائق، وتأجيجها للمشاعر، واستهدافها للمؤتمر الوطني بطريقة لم تعد خافية على أحد. يحدث هذا في تقصير واضح من المؤتمر الوطني في الجانب الإعلامي، وأيضا في عدم وجود أية ضوابط تحكم العملية الإعلامية وترتقي بأدائها في أجواء من الحرية والموضوعية وغياب الأجندات الخفية.
نعود إلى أن موضوع تدني مستويات الثقة وغيابها كليا في بعض الحالات قد أدى إلى حالة الاحتقان الشديد الذي يمر بنا، فالمواطن يريد انجازات بسرعة، وله الحق في ذلك، ويريد أن ينهي الحرمان الذي أُجبر أن يتعايش معه لأكثر من أربع وأربعين عاما .. يتطلع إلى المؤتمر الوطني الذي لا يمتلك سلطة تنفيذية، ما يفتح الباب على مصراعيه لاتهام المؤتمر بالعجز، واتهام أعضائه بالتقصير. هكذا باتت قرارات وأعمال المؤتمر توضع تحت محك الشك وعدم الثقة. ولهذا بات أعضاء المؤتمر مدانين. هذا كله لا ينفي عن أعضاء المؤتمر مسؤولياتهم عن طريقة أدائهم ومتابعتهم للشأن العام، وما شاب ذلك من قصور وأخطاء.
هكذا بلغنا الذكرى الثانية لثورتنا في حالة من الاحتقان والإحباط والقلق .. وهكذا أخافتنا توعدات بعضها صادر عن مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضها صادر عن أطراف تريد الاصطياد في الماء العكر وتجيده. توعدات وجدت تربة خصبة أمامها منشؤها تهاوي جسور الثقة.
لكن هذا الاحتقان والقلق ينتهي عندما نرمم بيتنا الداخلي، ونقيم دعائم حصون الوحدة الوطنية، ونعود إلى روح الثورة، ونستعيد أجواء العطاء بدون حساب، ونسترخص مرة أحرى روح التضحية التي صاحبت الثورة وأدت إلى إنجاحها. إن ذلك كله لن يتأتي إلا باستعادة الثقة والتكاتف والتعاون والحرص على أن نحتفل جميعا بذكرى ثورتنا قي أجواء من الإخاء وتشابك الأيادي … وهذا ما رأيت إرهاصاته تتجسد في مختلف المدن الليبية، وعلى وجه الخصوص في مدينة بتغازي التي تتزين لعرسها وعرس الثورة ..
وكل عام وليبيا شامخة عزيزة أبية .. ولا نامت أعين الجبناء
3 تعليقات
كتبه عزالدين العبيدي بتاريخ 2013/02/16 عند الساعة 14:58. #
ممتاز جداً
كتبه محمد الهادي بتاريخ 2013/02/16 عند الساعة 19:52. #
الشارع الليبي محتقن لانه شارع عانى من الجهل لمدة 42 عاما لا يعي ان الثورات ليست زرعا تحصل على ثماره في ظرف شهور وان اهداف الثورات تتحقق بعد سنين ولكن ما الحل
السؤال المهم لماذا لم يتم تعديل دستور الاستقلال وتفعيله ؟
الشارع الليبي يحتاج الى قرارات اقتصادية جريئة لطمئن
كتبه وائل عبدالله البشري بتاريخ 2013/02/18 عند الساعة 10:37. #
بارك الله فيك ربي يحفظك يا سيد ابراهيم