إبراهيم عبد العزيز صهد..
تخرج من الكلية العسكرية الليبية عام 1963، وكان ترتيبه الأول على دفعته (الدفعة الخامسة).
عمل ضابطا بالجيش الليبي خلال الأعوام 1963 – 1969 : مدرسا في مدرسة المخابرة، ورئيسا لجناح [...]
img>مرة أخرى يدور الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق تقوم إيطاليا بموجبه بالتعويض عن الفظائع التي ارتكبتها أثناء استعمارها لليبيا خلال القرن الماضي. كل ما سمعناه حول هذا الموضوع معلومات وردت على لسان سيف القذافي ضمن تبجحه بهذا “الإنجاز” الذي لم نسمع شيئا عن تفاصيله من الجهات ذات الاختصاص في حكم القذافي ولا في الحكومة الإيطالية.
ما رشح من معلومات تؤكد أن هذه التعويضات ستكون في حدود مليار دولار فقط وستتم في صورة عينية بقيام شركات إيطالية بإصلاح الطريق الساحلي الذي يمتد عبر الأراضي الليبية دون أن تحدد طول الطريق التي يجري الحديث عنها، وما إذا كان المعني كل المسافة من رأس اجدير إلى مساعد أم بعضها، ولا مواصفات هذا الإصلاح. إن صح هذا الأمر وهذا المبلغ، فسيكون ذلك أبخس تعويض في التاريخ، وسيكون أقذر مقايضة تتم على حساب الشعب الليبي الذي وضع على مائدة اللئام بكل ما تعنيه الكلمة.
ولقد سبق لي أن كتبت مقالا حول هذا الموضوع، أثرت جملة من التساؤلات المشروعة التي ينبغي للمفاوض الليبي أن يضعها نصب عينيه حتى لا يتحول الموضوع وكأنه منة أو إعانة تقدمها إحدى الدول الأوروبية لدولة إفريقية محتاجة، أو أنه من قبيل الإحسان ، وحتى لا تكون عملية إصلاح هذا الطريق، وهذه القيمة المالية المذكورة هي كل ما ينبغي على إيطاليا تقديمه تعويضا عن استعمارها الاستيطاني الغاشم الذي طال ليبيا أرضا وشعبا، وحتى لا يتحول الأمر إلى مجرد تبجح من ابن القذافي تضيع فيه حقوق الشعب الليبي، ويقفل هذا الملف الدامي بتعويضات بخسة هي لفائدة الشركات والخزانة الإيطالية في المقام الأول.
إن موضوع التعويض عن فظائع الاستعمار الإيطالي في ليبيا لا ينبغي أن يوضع في أيدي عابثة لا تبتغي من ورائه سوى التبجح به كأنه إنجاز ضخم أمام الرأي العام الليبي، ولبناء هالة كاذبة أخرى في مسلسل خداع الشعب الليبي، وفي نفس الوقت اتخاذه وسيلة لتبييض الوجه مع الطليان وحلفائهم. كان ينبغي أن تدار أمور هذا الملف بكل شفافية وعلنية ومن قبل أخصائيين، كما كان ينبغي التحضير الجيد لهذه المسألة بإعداد الملفات التي تحتوي تفاصيل الأضرار التي لحقت بالشعب الليبي. وكان ينبغي إشراك الجهات الاعتبارية التي يمكنها أن تنوب عن جوانب الصالح العام للشعب الليبي، علاوة على مشاركة ممثلين عن المتضررين مباشرة سواء في ذواتهم أو ذويهم. هذا الموضوع هو موضوع حكومات وليس موضوع “لجان خيرية”، وهو موضوع حقوق وليس موضوع استجداء، وهو موضوع استحقاقات وليس موضوع مقايضات .
إن التساؤلات لا تزال مطروحة وبكل قوة: هل القيمة الكلية لمشروع إصلاح الطريق الساحلي تعتبر مجزية ومكافئة للتعويضات الحقيقية التي تترتب على ثلث قرن من أعتى أنواع الاستعمار الاستيطاني؟ هل هذه التعويضات تأخذ في الاعتبار الجرائم السياسية والإنسانية والاقتصادية التي ارتكبنها إيطاليا ضد الليبيين؟ ثم ما الثمن الذي تريده إيطاليا لقاء هذا التعويض البخس؟
للإجابة على هذا السؤال ينبغي طرح الملفات التي يجب أن يتم التعويض عنها، وهي ملفات كثيرة يتطلب إعدادها جهدا ووقتا وخبرة في تجميع مادتها والمعلومات الكاملة عنها. من هذه الملفات:
قد نجد كثيرا من الليبيين لا يعلمون شيئا عن المعتقلات الجماعية التي أقامتها إيطاليا و حشرت فيها الغالبية العظمى لسكان منطقة برقة وعرضتهم للتجويع ولشتى أنواع الأمراض المعدية، كما عرضتهم فيها لشتى أنواع التعذيب والقهر والانتقام. ملف المعتقلات الجماعية من أهم الملفات التي ينبغي لنا أن نوجه لها اهتمامنا لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها:
ملف المعتقلات الجماعية الدامي ما زال مغيبا: عن الإعلام، وعن البحث التاريخي الجاد، وعن الاستقصاء العلمي. والأدهى فإنه مغيب عن طاولة المفاوضات. ولعل في هذا المقال دعوة إلى كل ليبي أن يساهم بما يستطيع من جهد في تجميع وتوثيق المعلومات حول المعتقلات الجماعية التي أخضع لها المواطنون الليبيون في منطقة برقة. كما أنه دعوة للمطالبة بتعويض ورثة المواطنين الذين اعتقلوا في هذه المعتقلات عن معاناتهم وممتلكاتهم وعن الشهداء الذين غيبوا في رمال العقيلة والبريقة وفي غيرها من المعتقلات.
ينبغي علينا السعي الجاد للحيلولة دون أن تستخدم إيطاليا بالتآمر مع حكم القذافي هذه التعويضات الزهيدة البخسة التي يجري التلويح بها مدخلا لقفل ملف الاستعمار الإيطالي وإنهاء مطالب الليبيين بالتعويض إلى أبد الآبدين، كما ينبغي ألا يتحول إلى باب لحصول إيطاليا على حق تنفيذ مشاريع في ليبيا بمبالغ فلكية وعن طريق الممارسة المباشرة بعيدا عن أجواء المنافسة التي تتيح لليبيا خيارات أفضل، وألا يتحول كل ذلك إلى بقرة حلوب يستغلها الغيلان للحصول على عمولات من الشركات الإيطالية.
جرائم إيطاليا الفاشية لا يكفر عنها أي تعويض كان مهما بلغت قيمته إلا أن يكون تعويضا تتحقق فيه الأسس التالية:
اولا: أن تكون قيمة التعويض تتناسب مع ما ارتكبته إيطاليا خلال ثلث قرن من استعمارها لليبيا، تعويضات تغطي كل الملفات وكل الجرائم، وخاصة جرائم المعتقلات الجماعية.
ثانيا: أن تكون التعويضات المادية على شكلين: أولهما للمتضررين مباشرة أو لذويهم وورثتهم، وهذا ينبغي أن يدفع نقدا وبصورة مباشرة، والنوع الثاني التعويض العام للشعب الليبي كله، والذي يمكن أن يتم نقدا أو عن طريق مشاريع بمواصفات تخدم مصلحة ليبيا.
ثالثا: أن يصحب ذلك اعتذار رسمي يشتمل على الاعتراف بالجرائم المرتكبة من ناحية، وأن تقوم إيطاليا بتقديم قوائم بأسماء الضحايا وتعويضهم، وعلى الأخص:
هذه القوائم والمعلومات متوافرة في ملفات الحكومة الإيطالية والكشف عنها يؤكد حسن النوايا كما أنه يحقق مقاصد إنسانية واضحة. كذلك يقع على السلطات الليبية إعداد القوائم الخاصة بها وحصرها والمطالبة بأن تشملها التعويضات.
ينبغي أن يقرن ذلك بوضع المصالح الإيطالية في ليبيا بصفتها أكبر الشركاء التجاريين لليبيا على المحك ولخدمة المطالب الليبية يالتعويضات. لكن هذا كله لا يتم بالتبجح الفارغ، ولا يتم باستغلال معاناة الليبيين خلال سنوات الاستعمار البغيضة لتحقيق هالات زائفة وادعاء إنجازات وهمية. هذا لا يتم إلا بوجود حكومة وطنية ترعى مصالح الشعب الليبي وتحافظ عليها وتطالب بها، وليس هذا الحكم الذي لا يهمه إلا أن ينحر مصالح الشعب الليبي على مذبح الأهواء والأطماع، وبقدمها لقما سائغة في سبيل أن يستمر متحكما في قدرات ليبيا ومصير شعبها.
تعليق واحد
كتبه إبراهيم مكحال بتاريخ 2012/10/05 عند الساعة 20:23. #
أين التعويضات التى منحتها إيطاليا لليبين
علما بأن أسماءهم فى مركز جهاد الليبين
أحضارتها إطاليا إلي ليبياحتى لايتم التلاعب
بالأسماءوالاعدادفأناء ذهبت إلى تلك المنضومة
فبمجرد أن تعطى الاسم تضهر معلومات كتبها الطليان وبدون تلاعب