إبراهيم عبد العزيز صهد..
تخرج من الكلية العسكرية الليبية عام 1963، وكان ترتيبه الأول على دفعته (الدفعة الخامسة).
عمل ضابطا بالجيش الليبي خلال الأعوام 1963 – 1969 : مدرسا في مدرسة المخابرة، ورئيسا لجناح [...]
img>يقول الخبر أن القذافي صرح أمام عدد من الزعماء الأفارقة المجتمعين في طرابلس بأنه سيطالب -أثناء خطابه أمام الأمم المتحدة- بتعويضات لإفريقيا عن سنوات الاستعمار بقيمة تبلغ 777 ترليون دولار.
$777,000,000,000,000.00
بعملية حسابية بسيطة، فإن كل من الدول الإفريقية ال 53 سينوبها من هذه التعويضات الموعودة مبلغا وقدره
$14,660,377,358,490.
أي أكثر من أربعة عشر ترليون و660 مليار دولار.
وبغض النظر عن الكيفية التي وصل بها القذافي إلى هذا الرقم الخرافي، فقطعا لم يتم تحديده بناء على دراسات أعدتها مؤسسات متخصصة، ولكنه رقم اعتباطي جاء إما نتاجا لجلسة مع بعض القادة الأفارقة أراد القذافي خلالها أن يتبجح ويبرز عجرفته المعروفة وحبه للظهور، أو أن هذا الرقم الذي يشابه ترقيم موديلات طائرات البوينج الأمريكية قد جاء من وحي لقاء القذافي مع السحرة والمشعوذين الذين استقدمهم إلى طرابلس “لمباركة” احتفالاته الأربعينية ولينفثوا ويعقدوا حول زيارته المرتقبة إلى نيويورك.
وبغض النظر عما إذا كان القذافي سيقوم فعلا بالمطالبة بهذا الرقم الخرافي السحري، ومدى السخرية التي ستقابل بها هذه المطالبة إن تمت، أم أنه سيترك الأمر على أنه فقاعة يريد منها جذب الأجهزة إعلامية.
بغض النظر عن ذلك كله، إلا أنه من حقنا أن نتعجب: لماذا يرفع القذافي سقف التعويضات للدول الإفريقية عن الحقبة الاستعمارية إلى هذه الأرقام الخيالية، في حين أنه لم يقبل فحسب بتعويضات بخسة لا قيمة فعلية لها عن الاستعمار الإيطالي لبلادنا ليبيا، بل إن أجهزة الدعاية التابعة لحكمه ومن يدور في فلكها من الإعلام العربي المأجور قد طبل وزمر لمبلغ خمسة مليارات هي قيمة مشروع الطريق الذي سترصفه إيطاليا على مدى عشرين سنة تحصد في أثنائها الشركات الإيطالية أضعافا مضاعفة من المشاريع التي تحصل عليها دون منافسة، علاوة على التغلغل الذي سيتاح لإيطاليا في مفاصل الاقتصاد الليبي بدرجة تفوق بكثير الدور القذر الذي لعبه بنك روما في التمهيد لاحتلال ليبيا في أوائل القرن الماضي. إضافة إلى كل ذلك فإن إيطاليا سوف يسمح لها بأن تدفع مرتبات تقاعدية ومكافآت بصورة مباشرة لمن تعاون مع سلطات الاحتلال الإيطالي وخدمها .. ويدخل في هذا البصاصة والشناوير وأعضاء “البندات” التي خربت النواجع وقتّلت الليبيين. ولا يخفى المغزى الوقح لهذا “الكرم” الإيطالي.
بقي أن نذكر أنفسنا، لأن الذكرى تنفع المؤمنين، بأن الاحتلال الاستيطاني الإيطالي قد استمر ثلث قرن فقدت خلالها ليبيا نصف عدد سكانها، واستخدمت خلالها إيطاليا كل أنواع الأسلحة الفتاكة والإعدامات العلنية الجماعية، كما استخدمت معسكرات الاعتقال الجماعية لإفناء الشعب الليبي، نذكر بالمعتقلات التي أقيمت في العقيلة والبريقة والمقرون وسلوق وسوسه، وغيرها. كما نذكر أنفسنا بفضائع الاستعمار الإيطالي في تجهيل الليبيين والاستيلاء على أراضيهم وتجنيدهم بالقوة للقتال في حروبها في الصومال وأريتريا والحبشة وأثناء الحرب العالمية الثانية، علاوة على استخدام الليبيين عن طريق السخرة في أعمال المشاريع الاستيطانية خدمة للشيشيليان.
هذه كلها لا تساوي شيئا عند القذافي، ولا تساوي أكثر من طريق ترصفها إيطاليا على كيفها وبمواصفاتها وعلى مدي زمني يمتد لعشرين سنة، ترسخ خلالها إيطاليا أقدامها وتنهب ثرواتنا وتعيد توطين أحفاد القتلة الشيشليان في بلادنا وتمهد لاحتلال جديد.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هل ستتحول المطالبة بهذا المبلغ الخرافي السحري إلى برنامج يقع عبيء متابعته على كاهل ليبيا، ولا ينتهي بالفشل فحسب وإنما تتكبد من جرائه خزانة الشعب الليبي مبالغ فلكية لا حدود لها لكي يثبت القذافي أنه لم يفشل في مطالباته بالتعويض لإفريقيا.
المعلق السياسي
اكتب تعليقا عن المقالة