كلمة بمناسبة ذكرى استشهاد المناضل يوسف خربيش

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة  للعالمين

أيها الإخوة الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحييكم في هذا الاجتماع الطيب المبارك، تحية طيبة مباركة، وكم وددت أن أكون بينكم  .. لأن اجتماعكم اليوم اجتماع خير وبركة ..  تكرمون فيه رجلا من رجال ليبيا .. وقف مواقف عز وشمم، من أجل أن يحيا وطننا عزيزا أبيا .. ووقف مواقف العطاء والبذل والتضحية من أجل إنقاذ هذا الوطن من الظلم والقهر والطغيان..

خالي يوسف خربيش .. رجل العطاء في صمت، والتضحية بلا حدود ..  ورجل التفاني والإخلاص في خدمة قضية آمن بها، وناضل من أجلها حتى غدا رمزا من رموز النضال الليبي ضد حكم الطغيان والهمجية.

كان موعده مع الخيارات الصعبة، منذ أن عبر الحدود مهاجرا إلى الله، هربا بدينه وبحريته وبكرامته ..لم يكن فراق الوطن سهلا، وما كانت الغربة سوى خيار صعب، تقدم عليه النفس الأبية التي لم ترض عيش الذل، ولم تقبل بالخضوع للطغيان ..

وكان موعده مع الإرادة الصلبة، والعزيمة الماضية حين حول هجرته إلى عمل جاد من أجل إنقاذ ليبيا وتحريرها، فكان من أوائل من لبى نداء الجبهة وانضم إلى صفوفها، وشارك في نشاطاتها وفعالياتها، واستحق بكل جدارة احترام رفاقه وتقديرهم، فاختاروه لأكثر من موقع قيادي، .. فكان مثالا للصبر والعزيمة، ولتحمل المشاق، ومواجهة الشدائد، و لم يخل جانب من جوانب النضال لم يشارك فيه خالي يوسف..

لا يستطيع أحد أن يفي الشهيد يوسف خربيش حقه، ولا تستطيع الكلمات أن تحيط بحياة هذا الرجل، وبمعاني الشجاعة والإقدام التي حفلت بها، ولا بصور العطاء والتضحيات التي قدمها .. وما اجتماعنا اليوم إلا لنقوم بجزء من واجب الوفاء تجاهه، ولنستذكر تضحياته التي كانت من أجل وطنٍ كلنا أبناؤه .. وطنٌ اجتمعنا فوق ترابه وتحت سمائه ..  واستنشقنا عبير الحياة من نسمات هوائه.. وطن استقينا منه حياة العز والكرامة، فلم نرض أن نراه مهانا مستعبدا ذليلا..

وقفة الوفاء اليوم هي لبلادنا ليبيا، ولأولئك الذين قدموا الغالي والرخيص فداء لحريتها ولعزتها وسيادتها.. من عطائهم وتضحياتهم نستقي العبرة والقدوة، ونستمد التصميم والعزيمة على مواصلة النضال، ومتابعة العطاء، وتقديم التضحيات.

أيها الاخوة الأعزاء:

إن المآل المأساوي الذي آلت إليه الأمور في بلادنا تحت حكم القذافي، وإن التفاقم المريع الذي بلغته الأحوال المعيشية للمواطن الليبي، علاوة على النزيف المستمر الذي تتعرض له إمكانات بلادنا، وإن استمرار القذافي في سياساته وممارساته القمعية الظالمة، إن كل ذلك إنما يزيدنا قناعة بسلامة الاختيارات التي اخترناها بمفاصلة هذا الحكم الهمجي والعمل على إسقاطه، والسعي ـ من خلال شعبنا الليبي ـ لإقامة حكم وطني دستوري ديمقراطي. إن تحقيق هذه الأهداف الأساسية يملي ضرورة بذل الفعاليات ورص الصفوف، والتمسك بالثوابت، فهاهي بلادنا قد تحولت اليوم إلى كيان معدوم السيادة، تتقاذفها الأطماع النهمة الجشعة، وتهدر أموالها على مذابح أهواء القذافي وأبنائه وأعوانه، وهاهي خيرات ليبيا تقدم لقما سائغة إلى غيلان الأطماع الدولية، بينما يعيش أبناؤها غرباء فيها، ويخضعون إلى سياسات وبرامج إفقار متعمدة، أوصلتهم إلى العوز والحاجة.

ليس أمامنا أيها الإخوة إلا ننأى بأنفسنا عن مسلسل الخداع الذي يوهمنا بإصلاح مزعوم نتوقعه من القذافي، فالأيام أثبتت لنا مرة تلو الأخرى أن القذافي لا يتغير ولا يحيد عن مخططاته وممارساته القمعية العابثة تجاه الشعب الليبي. إن إنقاذ بلادنا يتطلب منا أن نوحد الصفوف، وأن نواصل السير على الطريق الذي سار عليه من قبلنا أبناء ليبيا البررة أمثال خالي يوسف خربيش.

أيها الإخوة الأعزاء

عندما نجتمع اليوم في ذكرى استشهاد خالي يوسف، لا بد لنا أن نذكر بالإعزاز والإكبار أختنا الصابرة المصابرة الحاجة عزيزة رفيقة الشهيد في مشواره النضالي، ونحيي صبرها واحتسابها، ونسأل الله جل وعلا أن يجزيها خير الجزاء.

أيها الإخوة الأعزاء

قريبا بإذن الله سينزاح نظام القذافي، ويلقى بملفات عهده الأسود في نفايات التاريخ، أما صفحات التاريخ الناصعة فستخلد أسماء رموز النضال الليبي، من أمثال أحمد احواس، وعمرو النامي، وخالد معمر، وعلي بوزيد، وخالي يوسف، وغيرهم من رموز النضال الوطني.

وسيبقى خالي يوسف .. رمزا من الرموز التي تعتز بها الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ، وتجسيدا للأصالة الليبية، وعنوانا شامخا من عناوين جبل نفوسة الأشم.

رحم الله خالي يوسف .. الرجل .. يوم كانت سلعة الرجال غالية ونادرة وثمينة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اكتب تعليقا عن المقالة

مطلوب.

مطلوب. لن يتم نشره.

إذا كان لديك موقع.